“سيكولوجية الانهيار” .. كتاب أكاديمي جديد عن الإدمان التكنولوجي للأستاذة سميرة بعداش.

وكالة الأحداث الدولية : ذ. محمد بدران/ بروكسيل.

 

قبل عقدين من الآن، لم يعد الإدمان يقتصر على المخدرات التقليدية التي عرفناها وعايشناها كما كان ، فمع الطفرة التكنولوجية العالمية الجديدة والاستخدام الواسع النطاق للألواح والحواسيب والهواتف الخلوية والذكاء الاصطناعي على أكبر نطاق وفي أي مكان وزمان، يمكن لهذا العقار الجديد والسيف البغيض ذو الحدين بنقرة واحدة يصيّر الناس مدمنين وأسرى لمخذر يسعد أنفسهم ويريح مزاجهم بعدما يضر بحالتهم النفسية والعصبية ويفقد عقولهم كتأثير النبيذ وما هم بسكارى.

انتشار هذه التكنولوجيا والمعدات الحديثة المفاجيء أخيرا من أجهزة حواسيب محمولة وهواتف ولوحات ذكية، سهل بالفعل عملية تصفح الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي من تحسين الحياة اليومية من جهة، واحتكر الفضاء الافتراضي وجمع المعلومات وتخزينها وتحكم في مصير المستخدم وتسييره إلى حيث ما شاء.

وجلبت هذه التقنيات الرائعة فوائد هائلة غير مسبوقة في مختلف المجالات حولت العالم بإسره إلى قرية صغيرة وأفشت سلبيات كثيرة ومختلفة لا يمكن أن نتجاهلها أو نقلل من شأنها بسبب الاستخدام المفرط أو غير الصحيح المؤدي إلى الإدمان الإلكتروني المضر بالفرد والمجتمع، والمسبب لمشاكل صحية وأسرية واجتماعية وتأثيرات نفسية حادة.

وفي هذا السياق اثارت الظاهرة فضول الإخصائيين ورصدت العيادات الطبية النفسية حالات شاذة من إدمان الأطفال على استعمال الأجهزة الإلكترونية أحدثت خللا كبيرا وقضية متجددة لا يجب إغفالها مطلقاً باختلاط هذه التكنولوجيا بالأخلاقيات مؤدية إلى إصابتهم بالعزلة وعدم التفاعل الاجتماعي والغضب والاكتئاب.

هذا، في وقت ما زال الاستخدام خارج دائرة اهتمام المنظومات الصحية، في حين يحظى باهتمام أخصائيين وأطباء لهم الريادة في هذا المجال دقوا جرس الإنذار لخطورة الموقف وضبابية سلبيات مشاهد إدمان الأطفال الذي أضحى يغزو العالم بإسره في وقت قياسي وبكمّ هائل لا أحد يتكهن بنتائجه الوخيمة على سكان الأرض، ويبقى موضوع بحث ونقاش في العديد من التخصصات، مثيرا جدلا في المجتمعات الطبية والعلمية والتكنولوجية.

وفي هذا الصدد، أجرت “وكالة الأحداث الدولية للأنباء” من العاصمة بروكسيل اتصالا مع أحد الأخصائيين النفسانيين الأستاذة سميرة الهاني بعداش مؤلفة كتاب أكاديمي بعنوان: ” سيكولوجية الانهيار ” الصادر عن دار خيال للنشر والترجمة، تشخّص فيه هذا الداء الفتاك والمرض العضال المرتبط بالإنترنت والتكنولوجيا الحديثة لما يسمى بإشكالية الإدمان وكيفية التعامل مع المعلوماتية بتقديم حلول ومقترحات بهذا الصدد لعلاج الإدمان على المخدرات الإلكترونية، والأمراض الرقمية عند الأطفال والكبار في غياب الحوار عن هذه الظاهرة التي لا يتحملها الانترنيت لوحده بقدر ما يفرضها ويسهل من انتشارها عدم وجود مراقبة ومتابعة وإرشاد الأهل، اضافة الى ضعف مواكبة التنسيق بين أولياء التلاميذ ومدارسهم لتقويم خارطة طريق عبر برنامج تعليمي وتربوي وكذا، غياب فضاء اجتماعي أسري يلمّ ويحسّن جذارة المقاومة والتحصين.

وأكّدت الإخصائية سميرة الهاني بعداش مدى استفحال ظاهرة تنامي الاستخدام المفرط للانترنت والشاشات والألعاب الإلكترونية لدى فئات المراهقين والشباب ومدى آثاره السلبية التي بدأت بدورها تتكاثر وتزداد مع كثرة استخدام الاجهزة الذكية واللوحية المستعملة للانترنت، مما يخلق اضطرابا نفسيا وتغيرات عصبية قد تدمر أدمغتهم مؤدية للإدمان على التخدير الإلكتروني بالتعلق الشديد بإحدى الوسائل الرقمية واستحالة الاستغناء عنها بسهولة.

مضيفة إلى الاسباب المؤدية الى هذا الإدمان الذي شمل حتى الاطفال وسبل الوقاية منه معرفّة باضطراب يظهر حاجة سيكولوجية قسرية وسلوك نمطي سلبي يخلف اعراض جسمية ونفسية مصحوبة بالاكتئاب والقلق، والافراط في استعمال الهواتف الذكية التي تزيد من مخاطر هذه الظاهرة المجتمعية السلبية،مع تصاعد استهلاك اللاعقلاني للمواقع والصور والأشرطة والألعاب وغيرها.. مما يؤدي بلا محالة إلى انهيار الصرح العقلي والسلوكي في ظل غياب غير مبرر للحوار الأسري وإحداث اضطرابات في العلاقات الطبيعية، والتنشئة الاجتماعية والعاطفية والحرمان من المشاركة الفعالة الحقيقية والمعايشة الإنسانية.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

سياسة الخصوصية وملفات تعريف الارتباط